هل ستغير الإنترنت عالم الإسلام و الشرق الأوسط مثلما غيرت المطبعه المسيحيه و أوروبا؟
في عام ١٤٥٠ اخترع يوهان جوتنبرج المطبعه. احدث اختراع المطبعه تغييرا عميقا في أوروبا و عالم المسيحيه: Christendom. حيث حدثت ٤ ثورات بالتتابع في أوروبا:
١- ثورة المعرفه. حيث أصبحت المعرفه متاحه للجميع و ليست مقصوره فقط على طبقة كهنة الكنيسه الكاثوليكية و كتبهم اللاتينيه المتاحه فقط للخاصه. و مع دمقرطة المعرفه بدأت التساؤلات حول لماذا يتحكم هؤلاء الكهنه فينا؟
اكثر الكتب طباعة في بداية المطبعه كان الإنجيل.
٢- ثورة الدين: مع انتشار المطبعه بدأ الناس يثورون ضد الكهنه و يطالبون بديانة مسيحيه تعود للأصول كما اصبحوا يقرأونها في الإنجيل و ليست ديانه هدفها استغلال الناس في مقابل اعطائهم صكوكًا للغفران.
و من هنا ظهرت البروتستانتية في أوروبا و منها لكل العالم. و لكن أيضا ظهرت الحروب الدينيه في أوروبا.
و لكن ظهرت مع البروتستانتية ما يعرف باخلاق البروتستانتية و هي مجموعه من القواعد الأخلاقية التي تتمسك بالعمل الجاد work ethics و تتطلع ان يعيش البشر في حياه مثاليه و هذه القواعد الأخلاقية الحقيقه هي التي ساهمت في بناء الولايات المتحدة كما نعرفها الآن من حيث اعلاء قيمة العمل الجاد.
٣- ثورة الوطنيه. انهارت اللاتينية بعد ان أصبحت الكتب تطبع باللغات و اللهجات الاقليميه و مع انتشار اللهجات الاقليميه و تحولها للغات أصليه ازداد احساس الفرنك بفرنسيتهم و الجيرمان بالمانيتهم و الأنجلو ساكسون بانجليزيتهم حيث تم اضافة عنصر اللغه لعنصر الجغرافيا. و لكن أيضا ظهرت الحروب الوطنيه.
٤- ثورة العلم. مع ترك عالم الخرافات الذي كان كهنة الكنيسه يسيطرون به على العامه، اصبح العلم و التكنولوجيا وسيلة التقدم و بدأ عصر النهضه.
لم يستغرق الأمر في أوروبا الا حوالي ١٠٠ عام لتحدث طفره حضاريه ضخمه في أوروبا و منها إلى الأمريكيتين. مصدر ١.
نحن نرى تأثيرات مماثله في عالم الشرق الأوسط و ارض الإسلام Islamdom. و من يظن ان ثورات الربيع العربي انتهت واهم الحقيقه. نحن نراها كجزء من ثوره شامله ستستمر عقودًا من الزمن و هي في الحقيقه عدة ثورات متراكبة:
١- ثوره دينيه:
يرفض معظم أهالي الشرق الأوسط الآن علماء دين الحكومات بل و ينزعون عنهم القداسه التي تمتعوا بها على مدي ١٤٠٠ سنه.
و يرى كثيرون أيضا ان الفتاوى التي وضعت من قرون عده أصبحت غير صالحه للزمن الحالي. و بينما يرى التونسيون و الأتراك مثلا ان اختلاف المواريث امر قرآني صالح لكل زمان و مكان، يرون مثلا ان لبس المرأه هو امر يخضع لتغيرات الزمان.
لذلك نرى على امتداد الشرق الأوسط عوده للأصول الاصليه للاسلام في القرآن و محاولات تجديد ضخمه بدأت من الشيخ محمد الغزالي و تتواصل الان مع أمثال د محمد شحرور و كلها تقفز فوق تراث قرون سابقه تستلهمه و لكن لا تتقيد به، عن علم ان العصر يتغير و ان لم يتم ارضاء اسئله الناس الحائرة فسينصرفون عن الإسلام من اساسه. و حتى ان اتسمت بعض تلك المحاولات بالغلو فانها جزء من ارهاصات القادم.
٢- ثوره سياسيه:
يرى معظم سكان الإقليم الان ان آل سعود و امثالهم ممن حكموا الإقليم باستخدام شعارات دينيه قد حان اوان نهايتهم. و يتطلع معظم سكان الإقليم ان يعيشوا بكرامه دون سيطرة و دون تبعيه و دون اضطهاد. و جسد ذلك شعار الثوره المصريه الأولى في يناير ٢٠١١: عيش حريه عداله اجتماعيه.
٣- ثوره لغويه:
حتى اللغه أصبحت تتغير في الشرق الأوسط. و من غير الواضح الان في اي اتجاه. ربما يكون في اتجاه تكريس اكبر للهجات الإقليميه لكن مع انتشار الإنترنت يصبح أيضا هناك فهم متبادل بين كل اللهجات.
٤- ثوره معرفيه:
أصبحت شعوب الشرق الأوسط عالمه بكل ما يجري في العالم. و سؤالهم الان لماذا يعيش البرازيلي او الهندي او الصيني أفضل مني؟
و الثوره التي لم تحدث حتى الان هي الثوره التكنولوجيه. و ذلك بسبب المحاولات المستميته من انظمه الحكم في المنطق لكبح جماح كل الثورات في المنطقه. و لكن هذا معاد للمنطق و للطبيعه.
المصادر:
————
١- تأثير المطبعه على أوروبا