المسلسلات التركية
البروفسور احمد داوود اوغلو رئيس وزراء الجمهوريه التركيه السابق و وزير الخارجيه الأسبق هو ايضا لمن لا يعلم أستاذ في العلوم السياسيه و له عده كتب تبحث بشكل عميق في كيفيه تشكيل شرق اوسط جديد ذو جامع اسلامي. و مؤلفه الأخير هو كتاب “العمق الاستراتيجي” strategic depth و الكتاب مترجم لكثير من اللغات العالميه. مصدر ١. احمد اوغلو هو في الحقيقه المنّظر الفكري الأساسي لحزب العداله و التنميه و هو المفكر وراء رئيس تركيا الحالي رجب طيب اردوغان. فكر احمد اوغلو للمنطقه قائم على مجموعه أفكار بسيطه:
١- انه لو نظرنا للمنطقه الممتده من باكستان و حتى المغرب لوجدنا انها في الحقيقه مزيج من الأعراق و الجنسيات. فيوجد الكردي و السني و المسلم و المسيحي. فهل كان صلاح الدين مصري؟ و هل كان الظاهر بيبرس مصري؟ و هل كان محمد علي تركي؟ كل المنطقه كانت حتى وقت قريب فضاء مفتوح انصهرت فيه اعراق كثيره و تزاوجت و أنتجت حضاره.
٢- ان ما يجمع المنطقه و شعوبها هو حضاره اسلاميه. و ليس بالضروره دين اسلامي. فهناك من يتبع هذا الدين و هناك حتى من يكفر به. و لكن يجمع الجميع نسب و قرابه و انتماء لحضاره اسلاميه شامله ترحب بكل الجنسيات والأعراق طالما لا يعتدي احد على الاخر. و في هذا استحضار لميثاق المدينه الذي وضعه الرسول صلى الله عليه و سلم و شمل حتى الكفار و اليهود في المدينة.
٣- و بالتالي ينشأ مبدأ “صفريه النزاعات” zero conflict فنحن أمه لا ترغب في التنازع مع احد الا اذا ظلمنا.
٤- كذلك فان محاوله تقسيم المنطقه على اساس عرقي او ديني او طائفي هي محاوله في منتهى الخطوره. لان التقارب والتمازج الجغرافي بين كل الأعراق و الطوائف يجعل التقسيم عمليه شديدة الدموية و كذلك يصبح تقسيم ميكرو. كيف مثلا تقسم بيروت بين السني و الشيعي و المسيحي. عمليه صعبه جدا ومكلفه. كذلك كيف تقسم القاهرة بين المسيحي و المسلم ؟
٥- لذلك يصبح الحل هو ان تتحول المنطقة كلها من باكستان حتى المغرب كي تكون فضاء للتعاون الاقتصادي والتجاري و الاجتماعي مثل الاتحاد الأوروبي. و هذا سيجعل المنطقة و شعوبها تنطلق نحو مستقبل افضل. و تفعل ذلك عن اعتزاز بقيم الحضارة الاسلاميه العظيمه.
و هنا يأتي دور المسلسلات التركيه الهام. لا يوجد فن هادف دون مشروع تنموي و استراتيجي محدد. و الا تحول لفن يهدف للغرائز مثل الحال في مصر الان. فالفن مرآة الشعوب وثقافتها.
و هنا تأتي مسلسلات مثل ارطغرل او كوت العمارة. فكلها تجعل الشباب يعتز بحضارته و تعلي قيم محددة تصب في الأهداف الخمسة الاستراتيجية التي وضعها احمد داوود اوغلو.
و لا بعني هذا ان كل المسلسلات التركيه هكذا. بالقطع لا. فيوجد ايضا الفن الهابط فهي بلد مفتوح و ديمقراطي و هذا جزء من القوة و التنوع الثقافي والانفتاح الضروري لأي حضارة كي تنهض. الأمم القوية تسمح بتعدد الاّراء لانها واثقه من نفسها.
فهمنا الأسس للمسلسلات التركيه؟
المصادر:
١- العمق الاستراتيجي من تأليف احمد داوود اوغلو
https://www.researchgate.net/publication/281279497_Review_Article_Strategic_Depth